محلات

مطعم بيروت، وصيدلية الباكر، ومكتبة العروبة، وأحذية يافا، ومصنع قطر للثلج … نماذج لعشرات المتاجر والمطاعم التي يُحتفى بلوحاتها في معرض “محلات” للفنان يوسف أحمد. وبوصفه عملًا مكمّلًا لمعرضه السابق “لين يطرى علي لوّل” الذي نقلت لوحاته الجمهور عبر رحلة إلى الماضي بروح الحنين لاستحضار ذكريات مشيرب، يأتي معرض “محلات” ليقدّم فيضًا من المعرفة والتفاصيل الحضرية لملامح الحياة المزدهرة في وسط مدينة الدوحة.

ينطلق يوسف أحمد عبر معرضه “محلات” في تطواف فني يستدعي بلوحاته من أعماق الماضي صورًا جامعة لذكريات شارع الكهرباء وشارع عبدالله بن ثاني ودوار البنك العربي. مستمسكًا بأسلوبه الفني المتميز بضربات فرشاته السميكة وألوانه البديعة، يحتفي الفنان بروّاد التجارة والمتاجر الأولى التي غيّرت ملامح المشهد الحضري في منطقة مشيرب. ولدى تأملنا في لوحاته ندرك أن شغف يوسف أحمد بالخط العربي قد أبصر النور من رحم هذه الشوارع؛ إذ ارتسم مساره الفني في طور التكوين مستمدًا إلهامه من اللافتات الأيقونية على واجهات المتاجر مثل تلك التي أبدعها إدوارد الخطّاط واللغة البصرية الفريدة التي امتاز بها كل متجر عن المتاجر المجاورة.

يوثّق معرض “محلات” حقبة زمنية شهدت ميلاد الحياة بطابعها العالمي المتنوع في مدينة الدوحة؛ فهذا شارع الكهرباء يضاهي بسماته الجمالية شارع الحمراء في بيروت، وتلك مكتبات تقدم للجمهور أحدث آليات وتقنيات الطباعة بالحرف العربي، وبين هذا وذاك يرسم يوسف أحمد عالمًا عربيًا يقف على عتبة التغيير. إن معرض “محلات” ليس مجرد استدعاء للذاكرة، بل هو أيضًا دعوة للنظر داخل ذواتنا وتأمُّل ممارساتنا الاستهلاكية؛ إذ تذكّرنا اللوحات بتجربة التسوق التي كنا نتواصل فيها مع الأغراض بأنامل أصابعنا وأواصر العلاقات التي كنا ننشئها مع أصحاب المتاجر، وهو عالم يختلف اختلافًا هائلًا عن عالمنا الافتراضي لاهث الخطى.